حلقات يوميه على اليوتيوب
الى اين يتجه العراق بعد ٣٠ آب
اتجه العراق منذ انتفاضة تشرين ١-١٠-٢٠١٩ الى نقطة تحول استراتيجي بعيدا عن عباءة ايران، رسخها مقتل سليماني والمهندس في ٣-١-٢٠٢٠ الذي فقدت بهما ايران منصة القيادة لمحورها الذي يشمل العراق وسوريا ولبنان ، ثم كانت استقالة عادل عبد المهدي، فكانت هذه الثلاثية اركان رئيسية في نقطة التحول هذه.
هذا يعني ان العراق اذا عاد لحكومة موالية لايران او عوضت ايران قيادة محورها بما يكافئ سليماني وتمكنت من دحر ثورة الشيعة ضدها تكون قد حققت ما تسميه (ايران ) تصحيح المسار اي العودة الى ماقبل ١-١٠-٢٠١٩.
وقد حاولت (ايران) ذلك منذ تولى الكاظمي رئاسة الوزراء وهو من خارج اركان البيت الشيعي، فقد شهد العراق ولم يزل (موجات انقلاب وانقلاب معاكسة) بين اركان نقطة التحول الثلاثية وبين حشد (ايران) الرافض لاركان هذا التحول، ورغم ان اركان التحول لم تزل فاعلة، الا ان حشد (ايران) بات قوة موازية وموازنة.
وبعد ان حققت انتخابات١٠-١٠-٢٠٢١ المرحلة الثانية من نقطة التحول، بفوز التيار الصدري بالكتلة الاكبر وتشكيل التحالف الثلاثي مع السيادة السني والديموقراطي الكوردستاني (الذي يعدُّ ركنا رابعا من اركان نقطة التحول) بات الاصرار على الخروج من عباءة ايران المتمثلة قي حكومات التوافق منذ ابراهيم الجعفري حتى عادل عبد المهدي، عند الصدر حتميا او يكاد، اي ان (ايران) ربما لم تعد قادرة على العودة الى ما قبل ١-١٠-٢٠١٩.
لكن كتلة الصدر انسحبت من البرلمان بالكلية في ١٢-٦-٢٠٢٢، رغم النجاح في جلسة ٩-١-٢٠٢٢ في انتخاب هيئة رئاسة البرلمان التي مر عليها اليوم اكثر من ثمانية اشهر دون تشكيل حكومة الاغلبية اثر قرارات المحكمة الاتحادية التي عطلت انتخاب رئيس الجمهورية بما اسمته الثلث الضامن( موجات انقلاب معاكسة).
وكان من شأن الموجة المعاكسة ان تم تعويض مقاعد الصدريين باغلبية من نواب الاطار التنسيقي، قم ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، فرد الصدر باعتصام في البرلمان ثم حوله ثم امام مجلس القضاء، وعلق رئيس مجلس النواب جلسات المجلس في موجة انقلاب معاكسة حتى بلغت الامور ذروتها الدموية يوم ٢٩-٣٠ من آب داخل الخضراء التي قتل فيها اكثر من ٥٠ وجرح اكثر من ٦٠٠ في تكرار مشابه لمواجهة (انتفاضة تشرين) بعد ثلاث سنوات، ونحن على ابواب ذكراها الثالثة.
وقد تزامن مع ضربة ٣٠ آب العسكرية وعضدها سلسلة ضربات متنوعة ضد الصدر تمثلت في اعتزال الحائري (ضربة دينية قاسية للصدر) وضربة قضائية ضده برد دعوى حل البرلمان اضافة الى الضربة السياسية التي تمثلت بدفعه للانسحاب من البرلمان، اضافة لاصرار الاطار على مرشحه السوداني حتى اللحظة.
واستمرارا لموجة الانقلابات والانقلابات المعاكسة غرد وزير الصدر بعدها بدعوته حلفائه والمستقلين بالانسحاب من البرلمان الذي عدته المحكمة عاجزا عن اداء دوره، ولم يرد حتى الان تحالف السيادة او الديموقراطي الكوردستاني على تغريدة وزير الصدر بشكل رسمي.
وفي لبِّ هذا المشهد زارت مساعدة وزير الخارجية الاميركية بربرا ليف الرئاسات الاربعة، وكان ملخص الزيارة ان على العراقيين اللجوء للحوار بعيدا عن تمييز طرف على اخر، وهو في جملته نوعٌ من التخلي الاميركي عن دعم مسار الصدر الذاهب الى اصلاح من خارج البرلمان، وكأنها تقول ان الاصلاح يتم من اخل المؤسسات وليس من خارجها وهذا قد يصب لصالح الاطار التنسيقي.
وفي الوقت الذي يرفض فيه الصدر الحوار الذي عقد جلستين برئاسة الكاظمي، طرح رئيس مجلس النواب ورقة من عشر نقاط للحوار الوطني قد تكون مشابهة ان تم التوافق حولها لاتفاقية اربيل في ٢٠١٠، وكاننا قد نواجه تكرار سيناريو ٢٠١٠ للمرة الثانية، خاصة وان الإطار يتحدث عن عودة الاطار للجلسات بعد نهاية زيارة الاربعين.
وكما لم يتم حسم المشهد العراقي المتعثر بين احتمال العودة لسيناريو ٢٠١٠ وبين احتمال انسحاب حلفاء الصدر من البرلمان واستمرار الكاظمي وبرهم صالح حتى الانتخابات المقبلة، واحتمال العودة لانتفاضة تشرين وذكراها الثالثة على الابواب، فان ملف التفاوض الايراني الاميركي متعثر ايضا وقد تم تاجيله الى ما بعد انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر القادم.
ختاما لا تزال موجة الانقلابات التي بدأت في واحد تشرين ٢٠١٩ من جهة والانقلابات المعاكسة التي واجهتها فقتلت الفاً وجرحت ثلاثين الف مستمرة، وكررتها في ٣٠ آب بخمسين قتيل و٦٠٠ جريح، وهي مرشحة لانفجارات مشابهة كلما بلغ المشهد ذروته، في ظل بوصلة دولية واقليمية تعمل ربما على تاجيل الانفجارات الخارجة عن السيطرة في المنطقة ومنها العراق حتى يتم حسم ملف التعامل مع ايران.
وملف التعامل مع ايران كما هو ملف التعامل مع العراق وجهان لعملة واحدة فان انتقل الاول من خطة أ الى خطة ب، قد ينتقل الثاني بنفس الاتجاه، وان طالت المدة بين أ وب فنحن في مسار منع العراق من الفوضى، وهذا قد يصب لصالح معادلة تقول ان كابل وبغداد وجهان لعملة واحدة، فكما بدأ عصر ١١-٩ بأفغانستان والعراق فقد ينتهي بهما ايضا، اي عادت طالبان فلماذا لايعود( البعث) مرة اخرى.
الكاتب د.عمر عبدالستار محمود